Select language / زبان خود را انتخاب کنيد

5. صناعة إعادة الإعمار

Karam Al-Tarrab neighborhood, near Aleppo International Airport, 15 February 2013. © Reuters/Malek el Shemali5. صناعة إعادة الإعمار

في حزيران/يونيو 2014، قدّر البنك الدولي كلفة إعادة إعمار سوريا بمئتي مليار دولار أميركي، بينما  قدّرتها اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (الإسكوا) بمئة وأربعين ملياراً.1 عادة ما يتم التحدث عن هذا الأمر باعتباره “فرصة للأعمال”، لكن ما يتم تجاهله غالباً هو الطرق التي ستُنفذ بها هذه المشاريع.

على سبيل المثال، يُقال إن من يقف وراء تقييم الإسكوا للدمار في سوريا 2 وخططها المثيرة للجدل لإعادة إعمار البلد 3 هو نائب المدير التنفيذي للجنة عبد الله الدردري.

ومن المعروف أن بشار الأسد كان قد جلب الدردري بُعيد استلامه للسلطة لـ “إصلاح” الاقتصاد السوري، بداية كرئيس هيئة تخطيط الدولة، ثم كنائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية. وقد اشتهر الرجل بالخطة الخمسية العاشرة، التي اعتُبرت آنذاك “مثالاً لمخططات الإصلاح الاقتصادي.” وعُزل الدردري من منصبه عام 2011، بعد ما قيل إنه خلاف مع رامي مخلوف، ابن خال الأسد وأكبر رجل أعمال في سوريا.4

قبل فترة قصيرة من تنظيم ندوة الإسكوا رفيعة المستوى في بيروت في أيلول/سبتمبر 2014، 5 والتي عرضت فيها الجنة تقييمها وخطتها آنفي الذكر، كان الدردري، وفقاً للتقارير، قد زار سوريا والتقى مع الحكومة لـ “بيعها خطته لإعادة إعمار سوريا،” والتي تتمحور بشكل أساسي حول تأمين المليارات اللازمة لمشاريع إعادة البناء من خلال قروض طويلة الأمد من جهات دولية، كصندوق النقد الدولي، والتي تفرض عادة على البلد المستدين شروط “إعادة هيكلة” مثيرة للجدل.6

على أية حال، لا يبدو أن النظام السوري اهتمّ كثيراً لمقترحات الدردري، إذ كانت لديه، كما يبدو، خطط أخرى تتعلق بدائرته الضيقة وداعميه الدوليين المخلصين (إيران، حزب الله، إلخ). ففي شباط/فبراير 2014، على سبيل المثال، كان بشار الأسد قد قال لوفد أردني إن حكومته تخطط لـ “مشروع شامل لإعمار سوريا،” وإن “الشركات الأميركية والغربية والخليجية لن يكون لها دور إطلاقاً من أي نوع في هذا المشروع.”7

في تشرين الثاني/نوفمبر 2014، استضافت دمشق مؤتمراً على مدار يومين عن “إعادة إعمار سوريا” برعاية رئيس الوزراء السوري. وقدّم المشاركون “خطة طريق لإعادة بناء ما دمّرته الحرب الدائرة في سوريا.” كما نُظّم معرض تجاري في العاصمة على مدار ثلاثة أيام عن موضوع إعادة الإعمار، شارك فيه “عشرات الشركات المحلية والأجنبية المتخصصة في البناء.”8

قد يبدو تنظيم مؤتمرات وفعاليات عن إعادة الإعمار في الوقت الذي لا تزال فيه الحرب والدمار مستمرين أمراً غريباً. بالفعل، صنّف البنك الدولي سوريا في المرتبة الأخيرة بين دول العالم في تقريره “ممارسة أنشطة الأعمال” لعام 2014، 9 والذي يقيّم العوائق المالية والإدارية التي تحول دون تطبيق المشاريع التجارية، من حيث “معاملات تصاريح البناء.” لكن ذلك ينطبق على المستثمرين “العاديين” أو القادمين من الخارج فقط. كما أنه يتجاهل حقيقة أن “إعادة الإعمار” في سوريا اليوم جزء لا يتجزأ من الحرب نفسها.

من المهم أن نفهم أن خططاً كهذه سياسية أكثر مما هي اقتصادية. إذ تقوم على فرضية أن الاستثمار في سوريا الآن سيمنح المستثمر نفوذاً كبيراً في كيفية إدارة البلد فيما بعد، حتى لو لم تعد الاستثمارات بعوائد وأرباح مالية على المدى القصير.10

من الأمثلة الجيدة على هذه الاستراتيجية استثمارات إيران في العراق بعد سقوط صدّام حسين عام 2003، وفي جنوب لبنان بعد حرب حزب الله مع إسرائيل عام 2006. من الملفت، مثلاً، أن يقول شخص مثل الجنرال قاسم سليماني، قائد سباه قدس، خلال مؤتمر عن “الشباب والصحوة الإسلامية” في كانون الثاني/يناير 2012، إنه نتيجة لمشاريع كهذه، “الناس في لبنان والعراق اليوم تحت تأثير طريقة تفكير وعمل الجمهورية الإسلامية [الإيرانية].”11

مافيات قديمة-جديدة

في الفترة نفسها التي نشرت فيها الإسكوا تقييمها، أنشأ مجلس محافظة دمشق شركة قابضة لإعمار المناطق المحيطة بمطار المزّة التي حددها المرسوم 66 (انظر أعلاه). ومن المفترض أن تمويل المشروع سيأتي، ظاهرياً، من المصرف العقاري السوري.12 لكن الإعلان مجرد تمويه غالباً. إذ أن الأموال والأبطال الحقيقيين سيكونون غالباً نفس المشتبه بهم المعتادين.

بالفعل، تقول مصادر سورية معارضة إن شركة “الشام القابضة” التي يملكها رامي مخلوف قد وضعت يدها على كثير من الأراضي التي حددها المرسوم 66، خاصة تلك الممتدة من أوتوستراد المزّة إلى كفرسوسة. وتملك الشام القابضة العديد من الاستثمارات العقارية عبر ذراعها العقاري، “بنا للعقارات”.

يزعم مقال نشره الدكتور زكوان بعاج من مؤتمر أحرار سوريا على صفحته الخاصة على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك بتاريخ 5 شباط/فبراير 2015، 13 استناداً إلى معلومات مسرّبة من مجلس محافظة دمشق، أن “مجموعة من الحراميّة” من المحافظة، تعمل تحت إشراف رامي مخلوف و”زلمته في المحافظة”، محافظ دمشق بشر الصبّان، تقوم بعمليات بيع وشراء عقارات في هذه المنطقة لصالح “الإيرانيين وبالتعاون مع الاستخبارات الإيرانية مباشرة.”

وتضم المجموعة، وفقاً للمقال، أيمن الزحيلي، وهو عضو مكتب تنفيذي سابق في مجلس المحافظة، وشريكه حسان بيضون، وهو مهندس سابق في المحافظة وعضو في مكتبها التنفيذي، بالإضافة إلى شخص لبناني يحمل لقب عائلة المفتي، وعدد من السماسرة المقيمين في لبنان، منهم عباس الحامض، الذي يزعم الكاتب أنه يملك كثيراً من العقارات في منطقة كفرسوسة.

ويُقال إن أيمن زحيلي وحسان بيضون قد اختلسا مبالغ كبيرة من المحافظة عبر مشاريع وهمية، وإن كلاً منهما يملك الآن “مجبل” إسمنت خاصاً به بعد أن عملا  لسنوات عدة في إدارة معامل الإسمنت. ويزعم الدكتور بعاج أن “هذين اللصّين” يقومان حالياً بإدارة أملاك واستثمارات رامي مخلوف، التي سُجّل قسم منها باسم بشر الصبّان. وقد بيع العديد من هذه العقارات إلى السفارة الإيرانية أو عملائها عبر رئيس قسم الآثار في المحافظة أحمد الدالي، كما سبقت الإشارة.

من الأسماء الأخرى الذي يتكرر ذكرها في هذا الصدد أسعد مهنا، المدير السابق لمكتب الصبّان الذي قُتل في انفجار عبوة ناسفة زُرعت في سيارته في آذار/مارس 2013. 14 وكان مهنا معروفاً بصلته الوطيدة بمخلوف، وكان قد ساهم، وفقاً لبعض التقارير، في تجنيد وتنظيم الشبّيحة في المنطقة لقمع التظاهرات السلمية في بداية الثورة. وكان أحد أفراد طاقمه عدنان الحكيم، وهو شيعيّ من دمشق يُزعم أنه كان صلة وصل هذه المجموعة مع حزب الله وسباه باسداران.

لم يتمكن مؤلفو هذا التقرير من التحقق من صحة هذه الادعاءات بشكل مستقل.

أحد المنافسين الجدد نسبياً للشام القابضة شركة عقارات تُدعى “كارتل غروب”، مقرها في الشارقة في الإمارات العربية المتحدة.15 ويملك الشركة محافظ حمص السابق إياد غزال، ويديرها أخوه زياد منذ 1989.

بعد خروج تظاهرات حاشدة في حمص تطالب بعزل المحافظ الفاسد، عُزل غزال من منصبه بمرسوم رئاسي في نيسان/أبريل 2011، في محاولة لإرضاء المتظاهرين الغاضبين.16 ووضع غزال تحت الإقامة الجبرية من قبل رئيس مكتب الأمن القومي السابق هشام بختيار، إلى حين مغادرته للبلد في أيلول/سبتمبر 2011.

يزعم الصحفي الاستقصائي السوري نزار نيّوف أن غزال هُرّب من قبل ضبّاط في القصر الجمهوري بأوامر مباشرة من بشار الأسد،17 وأنه حمل معه ثلاث حقائب مليئة بالدولارات، مع وثائق رسمية صادرة عن حاكم المصرف المركزي السوري أديب ميّالة، لتسهيل عبوره من مطار دبيّ. وأصبح غزال على أثر ذلك شريكاً رسمياً في “كارتل غروب” بأموال الأسد، وافتتح فروعاً للشركة في دمشق وحلب وبيروت.18

يضيف نيّوف أن أحد شركاء غزال في سوريا هو عزمي شلهوب، رئيس دائرة السجّل العقاري في محافظة ريف دمشق، ويزعم أن هذا الأخير قد قام بنقل ملكية آلاف العقارات في ريف دمشق، خاصة في منطقة التلّ، العائدة لمعتقلين ومختفين ومقتولين سوريين بشكل غير قانوني إلى ضباط ومسؤولين في النظام.

يؤكد مصدر آخر، نشر رواية مشابهة على الإنترنت بهوية مجهولة، رواية نيّوف عن طريقة مغادرة غزال لسوريا، مستنداً إلى أقوال “موظف كبير” في كارتل.19 وتضيف هذه الرواية أن غزال غادر مع 50 مليون دولار سُحبت من حساب رئيس الجمهورية في المصرف المركزي، وأن غزال التقى الأسد قبل مغادرته عن طريق سكرتير الأخير الخاص سليم أبو دعبول، وأن هذا جعله يوقّع على وثيقة رسمية تثبت أن غزال يدين للأسد بخمسين مليون دولار مع أرباحها.

لم يتمكن مؤلفو التقرير من التحقق من صحة هذه الادعاءات بشكل مستقل. لكن إياد غزال، الذي كان الآن قد مُنح الجنسية اللبنانية مع عدد من مسؤولين سابقين وحاليين في النظام السوري،20 ظهر على شاشة التلفاز السوري الرسمي يوم 3 حزيران/يونيو 2013، يوم الانتخابات الرئاسية المزيفة، برفقة مفتي الجمهورية أحمد بدر حسّون.21 وكانت تقارير إعلامية قد ادّعت في أواسط 2012، استناداً إلى مصادر دمشقية، أن غزال عاد إلى سوريا وأنه يعيش “حياة ترف”.22 وتضيف التقارير أنه يعمل حالياً على “مشروع سياحي ضخم في العاصمة.”

من المعروف أن إياد غزال اشتهر بين أهالي حمص، بالإضافة للفساد والمشاريع التي لم تكن لها أية شعبيّة، بالاستيلاء على الممتلكات العامة والخاصة بشكل غير مشروع، بما في ذلك أبنية أثرية، من أجل تنفيذ مشاريعه، وأن السكان غالباً ما كانوا يُطردون من منازلهم بالقوة دون أن يتلقوا أي تعويض.23

هذا ويملك خلفُ إياد غزال كمحافظ لحمص، طلال البرازي، هو أيضاً عدداً من الشركات العقارية في الخليج. وتقول تقارير إعلامية سورية معارضة إن البرازي شريك لبشار الأسد ورامي مخلوف في عدد من الشركات الواجهة التي اُنشئت من قبل هذين الأخيرين خصيصاً لسوق إعادة الإعمار الجديدة.24 ويُقال إن البرازي يملك 25% من أسهم إحدى هذه الشركات تحديداً، اسمها البوادي، بينما يملك مخلوف 65% منها. وكانت الشركة قد أنشئت عام 2012 برأسمال أولي قدره 50 مليون ليرة سورية. وتتخصص الشركة في البناء والعقارات، لكن رخصتها تسمح لها بتمثيل شركات أجنبية أخرى في المناقصات ما إلى ذلك.

صلات إيرانية

في حزيران/يونيو 2014، دعا رئيس الوزراء السوري وائل الحلقي القطاع الخاص الإيراني ليكون “شريكاً في إعادة إعمار” سوريا.25 وأضاف الحلقي، خلال اجتماع مع وفد برلماني إيراني في دمشق، إن “الشركات الإيرانية هي شريكة سوريا الأساسية في إعادة إعمار البلد.” والتقى الوفد أيضاً الرئيس بشار الأسد وناقش معه العلاقات الثنائية بين البلدين، التطورات الإقليمية و”الانتخابات” الرئاسية الأخيرة في سوريا. وبعد تهنئة الرئيس على “فوزه الكاسح” في الانتخابات، شدّد رئيس اللجنة البرلمانية الإيرانية للشؤون الخارجية والأمن القومي، علاء الدين بوروجردي، على “أهمية تشكيل لجنة مشتركة لإعادة بناء سوريا.”

قبل بضعة أيام من ذلك، كانت وفود برلمانية من حوالي 30 بلداً تزور طهران لمناقشة الوضع في سوريا في مؤتمر “أصدقاء سوريا” الثاني.26 وسافر بعض هذه الوفود مع الوفد الإيراني إلى سوريا بعدئذ “لمراقبة الانتخابات.”

يكشف مقال نُشر على الموقع الرسمي لسباه باسداران بتاريخ 18 كانون الأول/ديسمبر 2014 27 أن مسؤولين سوريين زاروا إيران مرات عدة خلال عام 2014 “لطلب مساعدة إيران” في مجالات الصناعة والكهرباء والنفط والصحة. كما زار وفد إيراني سوريا لدراسة “الوضع المالي العام” في البلد.

يملك عديد من الشركات الإيرانية، الخاصة منها والحكومية، عقوداً في سوريا، خاصة في مجال بناء مصافي النفط في حمص وبانياس، وفي مشاريع مائية وكهربائية في مناطق مختلفة من البلد، وكذلك في معامل تصنيع الزجاج والسيارات.28 كما يوجد بين البلدين عدد من الاتفاقيات الاقتصادية والتجارية.29

تشكل الحرب المستمرة في سوريا والدمار الهائل الذي تسببت به فرصة ذهبية للعديد من هذه الشركات لتوسيع أعمالها في سوريا. كما تشكل السوق الجديدة فرصة لإيران، ليس للتهرب من العقوبات الاقتصادية الدولية فحسب، بل كذلك لتعزيز قوتها الاقتصادية والسياسية في هذا البلد.

بالفعل، نقلت تقارير إعلامية في شباط/فبراير 2015 عن مسؤولين مصريين أن النظام الإيراني عبّر عن استعداده التخلي عن بشار الأسد مقابل شرطين: الحفاظ على “الامتيازات” التي حققتها إيران في سوريا خلال السنوات الماضية، والحفاظ على جميع الاتفاقات المبرمة بين دمشق وطهران.30 ويشمل الشرط الأول، بحسب التقارير، “الأراضي والعقارات والمنشآت التي اشترتها” إيران في سوريا.

أحد المجالات التي من المرجح أن تلعب فيه الشركات الإيرانية دوراً رئيساً هو الإسمنت، كما تفعل في العراق منذ سنوات. فإيران رابع أكبر مصنّع للإسمنت في العالم، وأكبر مصنّع في الشرق الأوسط، بقدرة إنتاجية تبلغ 70 مليون طن في السنة.31 ومن الجدير بالذكر أن الطلب على الإسمنت في سوريا قد ارتفع الآن ثلاثة أضعاف مقارنة مع مستويات ما قبل الحرب، وفقاً لأحد الاقتصاديين السوريين،32 في الوقت الذي انخفض فيه إنتاج معامل الإسمنت الحكومية بأكثر من خمسين بالمئة.33

يملك عدد من شركات الإسمنت الإيرانية أصلاً عقوداً في سوريا. على سبيل المثال، بنَت شركة “إحداث صنعت” معمل الإسمنت في حماة بموجب عقدين قيمتهما 196 و90 مليون دولار. كما ساهمت شركة إيرانية أخرى، اسمها MANA، في المشروع بموجب عقد قيمته 34.4 مليون دولار.34

هناك أيضاً شراكات جديدة بين شركات بناء سورية وإيرانية، من قبيل تلك التي تمّ التوقيع عليها في أيار/مايو 2014، خلال معرض تكنولوجي إيراني يُدعى INOTEX، بين شركة سورية اسمها “سراب” للعقارات وشركة بناء إيرانية اسمها “پارس گاریما”.35

لا شك أن هناك حاجة لجهود جادة ومنهجية لمراقبة الشركات التي ستحظى بأية عقود في سوريا  بشكل عام.36 لكن إحدى المسائل التي يجب أن تولى اهتماماً خاصاً هي ما إذا كانت لهذه الشركات أية علاقة بالنظام الإيراني، ولا سيما بسباه باسداران. ذلك أنه من المرجح جداً أن شركات من قبيل “إيران بون”، التي بنت السفارة الإيرانية في دمشق بموجب عقد قيمته 13 مليون دولار، هي التي ستحظى بغالبية العقود في سوريا في المستقبل.

ليس سرّاً أن قطاع البناء في إيران يخضع إلى حد كبير لسيطرة سباه باسداران. ففي عام 2007، كشفت تقارير إعلامية أن لهذه الميليشيا صلات مع أكثر من مئة شركة إيرانية، بعقود تتراوح قيمتها الإجمالية بين 12 و15 مليار دولار.37 ومن المؤكد أن هذه الأرقام قد زادت منذ ذلك الحين، لكن من الصعب الحصول على تفاصيل دقيقة لأن سباه باسداران مسؤولة أمام المرشد الأعلى لإيران آية علي خامنئي شخصياً، وكثير من نشاطاتها لا يخضع لرقابة برلمانية.

أشهر شركات البناء والإعمار الإيرانية المرتبطة بسباه باسداران، وأكثرها سوء صيت، هي الذراع الهندسي والعمراني لسباه باسداران، المعروفة باسم “خاتم الأنبياء” أو “غوربْ” اختصاراً. وكانت “خاتم الأنبياء” واحدة من تسع شركات ومؤسسات مرتبطة بسباه باسداران مدرجة على قائمة العقوبات الأميركية منذ عام 2007. 38 كما أنها أضيفت لقائمة عقوبات الاتحاد الأوروبي عام 2008، وقائمة مجلس أمن الأمم المتحدة عام 2010. 39

بعد تأسيسها خلال الحرب الإيرانية-العراقية كمقرّ سباه باسداران لإعادة البناء، نمت “خاتم الأنبياء” إلى شركة قابضة ضخمة لها أكثر من 800 شركة تابعة أو فرعية مسجّلة داخل وخارج إيران. وللشركة يد في مشاريع بناء مدنية وعسكرية لا تعدّ ولا تحصى.40 في عام 2012 وحده، حظيت الشركة ب1,700 عقداً حكومياً تبلغ قيمتها مجتمعة مليارات الدولارات.

ورغم تدهور الاقتصاد الإيراني وانخفاض أسعار النفط، أعلن الرئيس الإيراني حسن روحاني في نهاية عام 2014 زيادة ميزانية سباه باسداران بنسبة خمسين بالمئة، رافعاً ميزانيتها السنوية إلى ما يعادل أكثر من خمسة مليارات يورو.41 ويشكل هذا الرقم أكثر من نصف إجمالي ميزانية الدفاع الإيرانية، التي زيدت بدورها بنسبة 33 بالمئة. هذا بالإضافة إلى 2.5 مليار يورو من الميزانية السنوية التي ستذهب إلى “خاتم الأنبياء” مباشرة.42

يجب التحقيق في جميع هذه الشركات والمؤسسات السورية والإيرانية آنفة الذكر، المنخرطة في مشاريع إعمار حالية ومستقبلية في سوريا، بالإضافة إلى شركات ومؤسسات أخرى لم يرد اسمها هنا. فإذا وجدت أية صلات بينها وبين أنشطة غير مشروعة، من قبيل استخدام الحرب كوسيلة أو كغطاء لتنفيذ مشاريع إعادة إعمار مشبوهة، فيجب أن تفرض عليها العقوبات المناسبة وأن يُحاسب أصحابها وفق القانون. وعلى ذلك أن يشمل دورها في التسهيل والتحريض والمساعدة على ارتكاب جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية المشار إليها أعلاه.

وينطبق الأمر نفسه على الشركات والحكومات التي تسهّل لهذه الشركات والهيئات التهرّب من العقوبات الدولية المفروضة عليها، خاصة تلك الموجودة في بلدان يعرف عنها التسامح أو التغاضي عن نشاطات النظامين الإيراني والسوري، مثل الإمارات العربية المتحدة.43

ولهذا الأمر أهمية خاصة في ضوء ما يبدو أنه جهود محمومة من قبل الإدارة الأميركية الحالية للتخفيف من بعض العقوبات المفروضة على إيران وسوريا، أملاً بالتوصل إلى اتفاق نووي مع إيران. ففي تموز/يوليو 2013، عدّلت الحكومة الأميركية قراراتها المتعلقة بالعقوبات الإيرانية والسورية بحيث تسمح للشركات الأميركية وغيرها بتصدير وإعادة تصدير مواد معينة إلى إيران وسوريا بذريعة “مساعدة عامّة الناس في هذه البلدان، الذين يعانون تحت وطأة الأنظمة الحالية.” وتشمل المواد التي قد يسمح بتصديرها وفقاً للقوانين الجديدة بضائع تتعلق بالإعمار والهندسة. كان تصدير الأغذية والأدوية فقط مسموحاً به في السابق.44

ملاحظات ومراجع:

1 انظر هنا.

2 انظر هنا.

3 انظر هنا.

4 انظر هذا التقرير بالإنكليزية في مجلة “دير شبيغل” الألمانية.

5 انظر هنا.

6 للمزيد من التفاصيل، انظر هنا. انظر أيضاً هذا المقال وهذا المقال.

7 “ماذا قال بشار الاسد للوفد الاردني الذي التقاه مؤخرا؟“، العالم، 12 شباط/فبراير 2014.

8 انظر هنا.

9 انظر هنا.

10 كمثال على وجهة النظر هذه، انظر هذا المقال بالإنكليزية.

11 انظر هنا.

12 انظر هنا.

13 انظر هنا.

14 انظر هنا.

15 http://www.cartelgc.com.

16 انظر هنا مثلاً.

17 إيميل خاص للمؤلف.

18 هناك أيضاً شركة مسجلة باسم “كارتل” في دمشق منذ عام 2010. وكان رأسمالها الأولي 50 مليون ليرة سورية، تملك منها 10% شركة كارتل الموجودة في الإمارات، ويملك زياد غزال 80%، ولينا الشبلي 10%. انظر هنا.

19 انظر هنا.

20 انظر هنا مثلاً.

21 انظر هنا مثلاً.

22 انظر هنا مثلاً.

23 للمزيد عن إياد غزال، انظر هذا المقال بالفرنسية.

24 “عصابات الأسد بدأت تنفيذ مشروع “سوليدير”: مخلوف ينشأ شركة مقاولات “البوادي” من أجل “إعادة إعمار حمص” وباقي المحافظات قريباً”، Syria Angels، 17 تموز/يوليو 2013،.

25 انظر هنا.

26 السابق.

27 انظر هنا (بالفارسية).

28 من أجل قائمة بالعقود الإيرانية (المعلنة) في سوري، انظر هنا.

29 انظر هنا مثلاً.

30 “شرطان إيرانيان للتخلي عن الأسد“، الوطن، 1 شباط/فبراير 2015. انظر أيضاً: “إيران تطلب «ضمانات سيادية» لمواصلة دعم النظام“،  الحياة، 3 شباط/فبراير 2015.

31 انظر هنا مثلاً.

32 انظر هنا.

33 انظر هنا.

34 انظر هنا.

35 انظر هذا التقرير بالفارسية.

36 من أجل قائمة بمناقصات مشاريع البناء في سوريا، انظر http://www.cwctenders.com/construction_tenders_syria.htm.

37 انظر هنا مثلاً. للمزيد من المعلومات عن أنشطة سباه باسداران التجارية، انظر هنا و هنا.

38 انظر هنا.

39 انظر هنا.

40 انظر هنا مثلاً.

41 للمزيد من التفاصيل، انظر هنا.

42 السابق.

43 كمثال على شركات تساعد النظام السوري على التهرب من العقوبات وتتخذ من الإمارات مقراً لها، انظر هنا.

44 انظر هنا.